الشيخ عبدالله بن سعد بن محمد |
هو العالم الفاضل والتقي الورع الصالح الشيخ عبد الله بن سعد بن محمد
ولد رحمه الله في حوطة بني تميم ، بعد عام 1280هـ تقريباً .
والدته : هي نورة بنت محمد آل صقر الحقباني . وقد عاشت طويلاً ، وكان باراً بها . فقد ذكرت ابنته الجدة طرفة أنها بقيت حتى بعد زواجه من الجوهرة بنت محمد الشثري، وكان يحرص على أن تكون مأدبته معها حين الأكل ولا يرضى أن يكون معه أحد .
نشأته :
نشأ رحمه الله في بيئة صالحة تجمع بين العبادة والعلم والتجارة فكان لذلك الأثر الكبير على حياته ، ولكن كان مصابا ً ببحة شديدة في صوته حتى لا يكاد يفهم . قال ابنه محمد : ولهذا السبب لم يتولى إمامة مسجد أو يلقي دروس أهـ
أقول : ولكن لعلو همته حرص على نسخ الكتب والمطالعة ومدارسة العلم مع العلماء كما سيأتي .
طلب منه والده الشيخ سعد بن محمد الانتقال معه للدلم ، إلا أنه أشار على والده بالبقاء في الحوطة لأنها آمن وفي جوار بني تميم فرفض والده ، فاستأذنه بالبقاء فوافق وبقي بجوار أمه وأهله من الأسرة .
طلبه للعلم :
قرأ القرآن صغيراً ثم حفظه كاملاً وبدأ طلب العلم وهو صغير السن جداً فتتلمذ على علماء عصره في الحوطة ومما ثبت أنه تتلمذ عليهم :
1- الشيخ العالم القاضي رشيد بن عبد الله توفي سنة 1297هـ، وهو عم أبيه، وكان له أثر عظيم على حياته، كما كان حريصاً حين ذكره بوصفه بشيخنا . بل أنه سمى أكبر أولاده عليه وتكنى به .
2- الشيخ القاضي إبراهيم بن عبد الملك آل الشيخ ، وكان قاضي الحوطة في وقته .
3- الشيخ العلامة صالح بن محمد الشثري توفي سنة 1309 هـ
4- الشيخ عيسى بن إبراهيم الشثري توفي سنة 1294 هـ
5- والده العالم الشيخ سعد بن محمد . وغيرهم .
تجارته :
كان رحمه الله يعمل في بيع القهوة والهيل ، ولم يكن له محل معين بل كانت تأتيه ويبيعها من منزله ، وكان لا يشق على من ليس معه مالا بل كان يدين من ليس عنده ليسدده بعد فترة ، ولمعرفة الناس بأمانته وصدقه وسعة صدره وحسن خلقه حرصوا على التبايع معه حتى نمت تجارته .
علمه :
اهتم رحمه الله بقرأة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وكتب تلميذه شمس الدين ابن قيم الجوزية ، وكتب أئمة الدعوة ، وقد بان أثر ذلك بما يلخصه على غلاف ما ينسخه من هذه الكتب كفوائد يكتبها على الهامش . كما حرص على نسخ كتب الشيخ ورسائل العلامة سعيد بن حجي ومسائل الشيخ رشيد بن عبد الله بن عوين والشيخ رشيد السردي والشيخ عيد بن حمد .
كما كانت له جلسات خاصة يجتمع فيها مع بعض علماء عصرة كالشيخ العلامة الشاعر محمد بن عثيمين والشيخ العلامة عبد الله العجيري وغيرهم يتذاكرون العلم ويتدارسون المسائل . فقد حدثني الشيخ عبد الله بن ضعيان رحمه الله : أن الشيخ عبد الله بن سعد مع ابن عثيمين والعجيري وغيرهم من العلماء ومعهم بعض طلبة العلم فوق أحد السطوح يتدارسون أحد المسائل فتدخل في النقاش الشيخ عبد الله بن زيد بن محمود وكان إذ ذاك في مرحلة الطلب ، فأشار له الشيخ عبد الله بعينه يأمره بالسكوت وهو مغضب . ثم بعد أن انتهى المجلس بين له أن من آداب طالب العلم التأدب مع شيوخه وعدم التسرع في الظهور حتى لا يعاب أنه تزبب قبل أن يتحصرم .
وحدثني الخال محمد : أنه كانت تأتيه رسائل لسؤاله عن بعض المسائل وخاصة مسائل الفرائض فيجيب عليها خطياً .
كما حدثني الأخ ابن العم محمد بن عبد الله بن رشيد عن والده العم عبد الله بن رشيد رحمه الله ( توفي في 7/1/1428هـ ) : أن الملك عبد العزيز طيب الله ثراه طلب أن يجتمع بالعلماء ، فحين قدم الشيخ العلامة سعد بن حمد بن عتيق إلى الحوطة في إحدى سفرياته ذكر للشيخ عبد الله وكان بينهما مودة وصداقة بأن يحضر للرياض لطلب الملك عبد العزيز له في ذلك ، ولكن الشيخ عبد الله اعتذر ، فلما أراد الشيخ سعد الرحيل أصر على الشيخ عبد الله بالحضور ، فاعتذر مرة أخرى ثم دمعت عيناه وبكى ، فلما رأه الشيخ سعد يبكي قال : يكفي يا عبد الله ، يكفي يا عبد الله . ثم انصرف . وبعد ذلك وفي مجلس الملك عبد العزيز سأل : وين ابن عوين ؟ فقال الشيخ سعد : لعل لديه عذر .
أقول : وقد سمعت نحو هذه الرواية ولكن سبب بكاء الشيخ عبد الله هو علمه أن الشيخ سعد يريد ترشيحه للقضاء ، فاعتذر وأشار أنه لا يفهم كلامه بسبب البحة ، فأشار له الشيخ سعد بيده أي أكتب ، فبكى الشيخ عبد الله لذلك ، ثم ظن أن الشيخ سعد لم يعفيه بذلك مما أمرضه مرض الموت رحمه الله .
مكتبته :
حرص رحمه الله على جمع الكتب من مصادر شتى حتى غدت مكتبته من أكبر المكتبات في الحوطة ، فحدثني ابنتيه الجدة طرفة والخالة حصة بأن المكتبة كانت في غرفة واسعة وتصل إلى الغمى [ السقف ] . ( انظر : مكتبات آل عوين ) .
نسخه للكتب:
اشتهر رحمه الله بحسن خطه وسرعة نسخه ، فكان لا يسأم من ذلك ، بل كان ينسخ لبعض العلماء بعض الكتب فاشتهر عنه ذلك . ومما نسخه كتاب ( الرد على ابن عقيل لابن قدامة ) وكان الشيخ عبد الله بن سعد يحرص على إكمال بعض النسخ الناقصة ، ومن ذلك كتاب منتهى الإرادات للفتوحي ، وكانت نسخته ناقصة الآخر فقام بإكمالها سنة 1324هـ كما في آخرها .
عبادته :
عرف رحمه الله بعبادته حتى أنه إذا نودي للصلاة ترك كل شيء ولم يلتفت لأحد حتى تقضى صلاته ، فذكر أن رجلاً جاء يوفيه دين كان للشيخ على هذا الرجل فقابله وهو ذاهب للمسجد فأراد أن يستوقفه ليعطيه المبلغ ولكنه رفض وقال : بعد الصلاة بعد الصلاة . فتعجب الرجل منه .
كما أنه رحمه الله لا يتعدى مكان صلاته بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس ثم يصلي ركعتين . فقد جاءه يوماً بعد صلاة الفجر راعي ابله يخبره أن بعيراً ند ويريده أن يقوم معه للبحث عنه فأشار له أن يجلس حتى طلعت الشمس ثم قام يصلي الركتين ثم سأله أين اتجه البعير فأشار له على الجهة فلما نظرا إذ البعير قد عاد في قطيع قابله فدخل معه ورجع . فقال الراعي : جابته صلاتك ، مسكين من يسرق حلالك .
زوجاته :
تزوج رحمه الله عدد من الزوجات وممن نعرف منهن :
1- أم ابنه رشيد وهي من الشثري .
2- نورة بنت إبراهيم ( الملقب : شعيل ) بن حمد الشثري: وهي أم أبنائه : طرفة وحصة وإبراهيم. وقد ماتت في حياته وابنها إبراهيم صغير السن.
3- الجوهرة بنت محمد الشثري: وهي أخت العلامة الشيخ عبد العزيز أبو حبيب الشثري، وهي أم ابنيه محمد وسعد. وقد عاشت طويلاً رحمها الله وتوفيت في عهد الملك سعود رحمه الله .
أبناؤه :
1- رشيد : وبه يكنى ، ولد رحمه الله بعد عام 1315هـ ، وأخواله الشثري ، تزوج من فاطمة بنت محمد الشثري ، ورزق بابن هو الشيخ عبد الرحمن ، وابنة توفيت وهي صغيرة. توفي وهو شاب في سنة الرحمة عام 1337هـ . وكان أول من مات فيها في الحوطة وهو في السوق يسوم بعيراً فسقط ثم حمل لبيته وتوفي رحمه الله ، وقد فجع والده لوفاته
2- لطيفة : وقد تزوجت لطيفة صالح بن حسن الشثري ، وتوفيت وهي شابة ، وكان زوجها يثني على جمالها وحسن أخلاقها وعشرتها ، وكان يتذكرها دائماً ويتحسر على فقدها .
3- سارة : وقد تزوجها الجد رشيد بن عبد الله بن محمد، وانجبت ابنه سعد الذي مات شاباً . توفيت رحمها الله وهي تلد ابنها وهي شابة.
4- طرفة : أمها نورة بنت شعيل، تزوجها الجد رشيد بن عبد الله بن محمد بعد أختها سارة، قال أخوها محمد: كانت من أجمل النساء حتى كثر خطابها ولكن كان هوى الوالد الشيخ عبد الله أن يزوجها لرشيد الذي لم يتقدم لخطبتها، فلما كانت العمة هيا بنت عبد الله بن محمد تتقهوى عنده أبدت رغبتها لو يزوجها لرشيد فقال : عاد هو خطبها. فوضعت فنجالها ثم ذهبت لأخيها وأبلغته فتقدم لخطبتها أهـ . وقد أنجبت منه : عبد العزيز وبه كانت تكنى ، وعبد الرحمن وصالح ونورة وهيا . توفي زوجها وأولادها صغار فربتهم وصبرت على ضيق العيش حتى كبروا وتمكنوا ولله الحمد . توفيت رحمها الله يوم الخميس 1/3/1401هـ .
5- محمد : وأمه الجوهرة بنت محمد الشثري، ولد عام 1338 تقريباً، وهو أكبر الأسرة سناً الآن ( 1330 ). تزوج أكثر من 23 إمرأة ، وله من الذرية الذكور : عبد الله وخالد وعبد العزيز وماجد وسعد ومشعل وفهد ووليد ونايف وتركي ومشاري ، متعه الله بالصحة والعافية.
6- سعد : وأمة الجوهرة بنت محمد الشثري ، تزوج نورة بنت عبدالله العوين ، توفي شاباً رحمه الله ولم يعقب .
7- حصة : وأمها نورة بنت شعيل ، ولدت 1343هـ تقريباً ، تزوجها العم عبد العزيز بن محمد بن عبد الله ، انجبت منه : عبد الله ومحمد وسعد وهيا ونورة. توفيت عام 14/2/1420هـ رحمها الله .
8- إبراهيم : وهو أصغر أولاده ولد عام 1347هـ تقريباً ، ماتت أمه نورة بنت شعيل وهو صغير جداً ، ومات أبوه وعمره ست سنوات ثم ربته جدته لأمه قوت بنت سعد العقيلي ، تزوج فاطمة بنت محمد الدرامي العجمي وانجب منها عدد من الأولاد ماتوا صغاراً عدا : نورة ، والجوهرة . ثم تزوج جواهر بنت حمد الشثري وانجب منها : نايف وعبد الله وندى ونوف توفي في 25/ 6/ 1425هـ
مكانته الاجتماعية :
كان رحمه الله وبعد رحيل أبيه من الحوطة هو المرجع للأسرة ، فكان يحل كثير من المشكلات التي تطرأ بين أفراد منهم وبين بعض الأسر الأخرى بأسلوب رزين جنبهم من الوقوع فيما لا يحمد عقباه ، وحتى صارت الأسرة من الأسر المحبوبة من الجميع .
ومما يدل على حسن خلقه وحسن صحبته لإخوانه ومحبيه فقد أرسل رسالة لأحد أصدقائه يسأل عن أخباره وهذا نصها ومن خطه أنقل:
بسم الله الرحمن الرحيم [ كتبت مرتين ] من المحب بلا ريب، الداعي لخله وصفيه بظهر الغيب، عبد الله بن سعد آل عوين إلى من حسنت أخلاقه، وطابت وفاقه، ذي المحبة الصادقة، والمودة الأكيدة اللاحقة، أخينا صدقاً ومحبنا حقاً، سعيد بن عتيق بن إبراهيم آل سبيت، أسعده المنان، ورزقه الفقه في اسنة [ كذا والصواب : السنّة ] والقرآن، آمين سلام عليك أيها الأخ ورحمة الله وبركاته، ومغفرته ومرضاته، وبعد، فموجب تحبير الكتاب هو إبلاغ المحب جزيل السلام الأسنى، والتحيات المباركات الحسنى، ثم السؤال عن أحوالك البهية، لازالت مذ [ بياض ] محروسة محمية، وأن تفضل بالسؤال عني حال حميد ) أهـ .
وفاته :
توفي رحمه الله في عام 1353هـ ودفن بالحوطة ، وفجع بوفاته الناس في الحوطة ، ورثاه بعض العلماء منهم الشيخ صالح بن محمد الشثري بقصيدة جميلة .